روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | الشاة.. المسمومة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > الشاة.. المسمومة


  الشاة.. المسمومة
     عدد مرات المشاهدة: 2949        عدد مرات الإرسال: 0

اليهود هم اليهود، نقضة العهود، وقتلة الأنبياء، وفي كل زمان ومكان حالهم مع المسلمين حقد وحسد، وغدر وإيذاء، وهم ليسوا أصحاب حرب.

بل أهل دس ومؤامرة. . ومن ذلك أنهم لما رأوا نصر الله للمؤمنين في خيبر، تآمروا على النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  ، فأهدوا إليه شاة مسمومة لمحاولة قتله. .

عن أبي هريرة - رضي الله عنه ـ  قال:  (لما فُتِحت خيبر، أُهْدِيَت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  اجمعوا لي من كان هاهنا من اليهود، فجمعوا له، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادِقيَّ عنه؟

فقالوا:  نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  من أبوكم؟، قالوا: أبونا فلان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  كذبتم بل أبوكم فلان، فقالوا:  صدقت وبررت.

فقال:  هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟، فقالوا:  نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  من أهل النار؟، فقالوا:  نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  اخسؤوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا.

ثم قال لهم:  فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟، قالوا:  نعم، فقال:  هل جعلتم في هذه الشاة سما؟، فقالوا: نعم، فقال:  ما حملكم على ذلك؟، فقالوا:  أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك) (البخاري) .

وفي السيرة النبوية لابن هشام قال:  ". . فلما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم، شاة مصلية وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟

فقيل لها:  الذراع فأكثرت فيها من السم، ثم سمَّت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بِشر بن البراء بن معرور.

قد أخذ منها كما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلفظها، ثم قال:  إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ثم دعا بها فاعترفت، فقال:  ما حملكِ على ذلك؟ ، قالت:  بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلتُ:  إن كان مَلِكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيُخْبر. . قال:  فتجاوز عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومات بشر من أكلته التي أكل ". .

قال ابن القيم في زاد المعاد:  " وجيء بالمرأة إلى رسول الله، فقالت:  أردت قتلك، فقال:  ما كان الله ليسلطك عليَّ، قالوا:  ألا تقتلها؟، قال:  لا، ولم يتعرض لها، ولم يعاقبها، واحتجم على الكاهل، وأمر من أكل منها فاحتجم، فمات بعضهم ". .

واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وجمعوا بأن النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  تجاوز عنها أولا، فلما مات بِشر قتلها به قصاصا. .

وقد عفا النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  عن هذه المرأة اليهودية التي حاولت قتله بالسم، لأنه ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  كان لا ينتقم لنفسه، كما قالت عائشة ـ  رضي الله عنها ـ  في وصفه:  (مَا خُيِّرَ رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه، وما انتقم رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  لنفسه في شيء قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى) (البخاري) .

لقد لقي رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  من أعدائه كثير الأذى، وعظيم الشدة والمكائد، منذ جهر بدعوته، ولكن الله تبارك وتعالى حفظه وعصمه من الناس، وقصة الشاة المسمومة صورة من صور حفظ الله لنبيه ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  ، تنفيذا لوعده سبحانه:  {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: من الآية67) . .

قال النووي في شرحه للحديث:  " فيه بيان عصمته ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  من الناس كلهم، كما قال الله:  {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: من الآية67)، وهي معجزة لرسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  في سلامته مِن السم المهلك لغيره، وفي إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له، فقد جاء في غير مسلم أنه ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  قال:  (إن الذراع تخبرني أنها مسمومة) ".

وقال الحافظ ابن حجر:  ". . وفي الحديث إخباره ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  عن الغيب، وتكليم الجماد له، ومعاندة اليهود لاعترافهم بصدقه فيما أخبر به عن اسم أبيهم، وبما وقع منهم من دسيسة السم، ومع ذلك فعاندوا واستمروا على تكذيبه. . ".

وظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعاوده ألم السم حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

فعن عائشة ـ  رضي الله عنها ـ  قالت:  (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في مرض موته الذي مات فيه:  يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري (عرق متصل بالقلب) من ذلك السم) (البخاري) . .

لقد أظهرت قصة الشاة المسمومة حقيقة ثابتة، وهي أن اليهود هم اليهود، على مر التاريخ والعصور، ومنذ عهد النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  إلى يومنا هذا، دأبهم دائما الخيانة والغدر والتآمر، وهم مصدر خطر كبير وشر مستطير على الإسلام والمسلمين، ينبغي التنبه له ومواجهته. . فهل نتعلم من تاريخهم مع النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  والمسلمين؟ ! ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (قّ:  37) . .
 
المصدر: موقع إسلام ويب